السعودية

ما المقصود بيوم الفرقان – مخزن


ما المقصود بيوم الفرقان الوارد ذكره في القرآن الكريم في العديد من المواضع والآيات ذلك هوا يدور حوله مقالنا في مخزن، حيث تحمل كلمة الفرقان الكثير من الدلالات والمعاني التي قد لا يعلمها البعض، في حين أنه يجب على كل مسلم التفكر في أمور دينه والبحث عنها وتعلمها لكي تصح عبادته ويزداد قربًا من خالقه عز وجل.

ما المقصود بيوم الفرقان

يعتبر يوم الفرقان واحد من أهم الأيام التي مرت في تاريخ الأمة الإسلامية وهو اليوم الذي وقعت به غزوة بدر، والمعروفة بغزوة بدر الكبرى، ولها العديد من الأسماء الأخرى منها (بدر القتال)، والتي وقعت في شهر رمضان باليوم السابع عشر منه بالعام الثاني من الهجرة الموافق الثالث عشر من مارس عام ستمئة أربع وعشرين ميلادية.

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو قائد غزوة بدر والتي دارت بين المسلمين وبين الكفار من قبيلة قريش ومن حالفها من العرب، وكان (عمرو بن هشام المخزومي القرشي) هو قائد قريش، وتعتبر تلك هذه الغزوة أولى المعارك في الإسلام، وعرفت باسم بدر لوقوعها على منطقة وأرض تعرف ببدر، وبها بئر ماء يطلق عليه (بئر بدر)، وتقع منطقة بدر بالمملكة العربية السعودية، وتحديدًا في المنطقة الواقعة بين مكة المكرمة والمدينة المنورة.

ومن المعروف عن غزوة بدر وما لها من فضائل أن الله تعالى قد أمد المسلمين بجنود من الملائكة من السماء ويستدل على ذلك بما ورد ابن عباس رضي اللهُ عنهما قال: بينما رجل من المسلِمِين يومئذ يشتد في أَثرِ رجلٍ منَ المشرِكين أمامه، إذ سمع ضربة بالسوْط فَوقهُ، وصوت الفارِسِ يقول: أقدِمْ حيزوم؛ فنَظر إلَى المشْركِ أمامه فخر مسْتلقيًا، فنظر إليه فإذا هو قد خطمَ أنفه، وشق وجهه كضربة السوطِ، فاخضر ذلِك أجمع، فجاء الأنصاريُّ فحدث بذلك رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقال: “صَدَقْتَ، ذَلِكَ مِنْ مَدَدِ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ”، فَقَتَلُوا يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ، وَأَسَرُوا سَبْعِينَ.

ما هو يوم الفرقان الذي ذكر في القران

ورد ذكر يوم القرآن في العديد من آيات القرآن الكريم، والمقصود به هو غزوة بدر الكبرى العظيمة التي تعد أول معارك المسلمين، والتي تولى قيادتها رسول الله صلى الله عليه ضد قريش، وفيما يلي نعرض لكم آيات من كتاب الله الحكيم ورد بها ذكر يوم الفرقان:

  • سورة آل عمران الآيات 121/ 125: (وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ، إِذْ هَمَّت طَّائِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا ۗ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ، وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ، إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيَكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُنزَلِينَ، بَلَىٰ ۚ إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ).
  • سورة الأنفال الآيات 64 /67: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ ۚ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ۚ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ، الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا ۚ فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ۚ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ، مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ ۚ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).

معنى اسم فرقان في القرآن

ورد اسم القرآن في القرآن الكريم في أكثر من موضع، وله أكثر من دلالة ومعنى، حيث إن كلمة الفرقان أحد أسماء القرآن الكريم، وذلك في قوله تعالى بسورة الفرقان الآية 1 (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا).

كما ورد ذكر الفرقان بسورة الأنفال حيث قال تعالى في الآية 41 منها (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).

وتشير الآية الكريمة إلى غزوة بدر التي فرق الله بها بين الباطل والحق، ونصر المسلمين على الكافرين الذين تجاوزوهم بالعتاد والعدة، لصدقهم وإخلاصهم وتوكلهم على ربهم والالتجاء إليه بصدق، فكان لهم النصر بأمر الله.

قصة غزوة بدر الكبرى

حينما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن آمن معه من مكة المكرمة إلى يثرب والمعروفة اليوم بالمدينة المنورة أقام بالمدينة دولة إسلاميّة قوية فتية، وأوكل إليها العديد من المهام، ولكن المهمة الكبرى كانت تتمثل في حماية الإسلام، ونشره بمشارق الأرض ومغاربها، وكان أول مظاهر السيادة التي وضعها المسلمين والدولة الإسلامية على الكفار والمشركين هي غزوة بدر، وقد أصبح للإسلام منذ ذلك الوقت الكلمة العليا والسلطة على غيره، وبها نصر الله عباده المؤمنين.

وكان عدد المسلمين بالغزوة ثلاثمئة وأربعة عشر رجل، في حين بلغ عدد المقاتلين الكفار ألف رجل تقريبًا، وحين بدأت المبارزة بين الفريقين تقدم من جيش الكفار كل من الوليد بن شيبة، وشيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة مطالبين مبارزة أبناء عمهم من صفوف المسلمين، فتقدم من الصحابة لمبارزتهم علي بن أبي طالب، وعبيدة بن الحارث، وحمزة بن عبد المطلب رضي الله عنهم، واشتد بينهم القتال ليقتل عتبة وشيبة.

وقتل في بدر العديد من صناديد قريش ومنهم أميّة بن خلف، وأبي جهل، كما وقع الكثير من الكفار بالأسر، وهو ما نتج عنه ظهور قوة المسلمين وبأسهم بالجزيرة العربية كاملةً، وما يمتلكونه من مقدرة على هزيمة أعتى وأقوى الجيوش والذي كان جيش قريش بجزيرة العرب آنذاك، عقب أن كان المسلمين بنظر اليهود والعرب ضعاف لا يقدرون على شيء.

فضائل غزوة بدر

غزوة بدر أو يوم الفرقان هي تلك الغزوة التي أعلى بها الله جل وعلا راية الحق وكلمة الدين الإسلامي، وبها تنكست أعلام المشركين ممن لم يحالفوا رسول الله صلى الله عله وسلم، وكان لها فضل عظيم جعل الله تعالى يغفر لجميع من شارك بها من المسلمين ويبشرهم بدخول الجنة، حيث ورد عن أحد الصحابة أنه أتى للرسول الكريم، فقال “يا رسول الله إن ابن عمى نافق أتأذن لي أن أضرب عنق”، فرد النبي “إنه شهد بدرًا وعسى أن يكفر عنه”، وفى رواية أخرى “وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر وقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم”.

وكان يحارب إلى جانب جنود المسلمين جند من الملائكة أنزلهم الله تعالى من السماء لنصرة المسلمين ونصرة رسول الله في مواجهة أعداء الإسلام حيث ورد عن معاذ بن رفاعة ابن رافع عن أبيه، وكان أبوه من أهل بدر قال: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: “مَا تَعُدُّونَ أَهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ؟” قَالَ: مِنْ أَفْضَلِ الْمُسْلِمِينَ، – أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا – قَالَ: وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ.

ومن أهم فضائل غزوة بدر أنها تعد من أسباب انتشار الإسلام ووصوله إلى المسلمين حتى الوقت الحالي، حيث ورد عن عمر ابن الخطاب رضي اللهُ عنه أنه قال: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: “اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ.

غزوة بدر في السنة النبوية

تعتبر غزوة بدر من أهم المعارك التي خاضها المسلمين في سبيل إعلاء كلمة الإسلام، وقد ورد ذكرها في الكثير من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، ومن بين تلك الأحاديث نذكر:

  • عن أبى هريرة عن النبي: قال رسول الله: “اطلع الله على أهل بدر، فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم” أو قال “فقد وجبت لكم الجنة” كما قال الرسول الكريم “إني لأرجو ألا يدخل النار إن شاء الله أحد شهد بدرا أو الحديبية”.
  • عن أنس بن مالك رضي اللهُ عنه: أَنَّ أُمَّ الرُّبَيِّعِ بِنْتَ الْبَرَاءِ وَهِيَ أُمُّ حَارِثَةَ بْنِ سُرَاقَةَ أَتَتِ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ: أَلَا تُحَدِّثُنِي عَنْ حَارِثَةَ؟ وَكَانَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ، أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ، فَإِنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ صَبَرْتُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ اجْتَهَدْتُ عَلَيْهِ فِي الْبُكَاءِ، قَالَ: “يَا أُمَّ حَارِثَةَ! إِنَّهَا جِنَانٌ فِي الْجَنَّةِ، وَإِنَّ ابْنَكِ أَصَابَ الْفِرْدَوْسَ الْأَعْلَى.
  • عن أبي هريرة رضي اللهُ عنه أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قال: “إنَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ”. قال ابن حجر: “وهي بشارة عظيمة لم تقع لغيرهم”.

وبذلك نكون قد تعرفنا في مخزن على ما المقصود بيوم الفرقان الوارد ذكره في العديد من مواضع القرآن الكريم والأحاديث النبوية المشرفة، حيث يقصد به غزوة بدر الكبرى التي وقعت بين المسلمين والمشركين من قريش والتي قادها رسول الله ونصر الله عباده بجند من السماء، ليكون النصر على الكفار حليفهم.